نبذة حول الشاعر: وليم ويردزويرث / william wordsworth
وليم ويردزويرث (1770 – 1850)
ولد ويليام وردزورث في واحد من أجمل اقاليم انجلترا على ضفاف منطقة البحيرات الرائعة. ليس غريباً إذن ان يصبح فيما بعد أكبر شاعر يتغنى بالطبيعة وجمالها الخارق لاحقاً. وكانت ولادته عام 1770 وتلقى دروسه الأولى في المدرسة الابتدائية للقرية وفي أحضان الطبيعة الساحرة، فالطبيعة الخلابة كما قلنا هي استاذته الأولى.
ثم ماتت أمه وهو في السابعة من عمره فتفرق شمل العائلة المؤلفة من ثلاثة اخوة واخت واحدة هي دوروثي، وسوف يكون لها شأن في حياته. ثم مات أبوه عام 1783 وهو في الثالثة عشرة من عمره، وهكذا أصبح يتيم الأم والأب منذ نعومة أظفاره، وعندئذ أصبحت الطبيعة هي أمه الحنون.
حياة وردزورث تنقسم إلى أربع مراحل كبرى:
الأولى: هي مرحلة الطفولة والتعليم الابتدائي والثانوي منذ الولادة وفي سن السادسة عشرة وكان ذلك في إقليم البحيرات .
والثانية: هي مرحلة الدراسات الجامعية والرحلات. فقد درس في جامعة كامبردج لفترة من الزمن ثم سافر إلى فرنسا وإيطاليا. وبعد ان تخرج من كمبردج سافر مرة ثانية إلى فرنسا بين عامي 1791 ـ 1792.
وقد زار باريس ومدينة «أورليان»، ومدينة «بلوا» أيضاً في هذه الزيارة. وهناك تعرف على فتاة فرنسية تدعى آنيت فالون فأحبها وتزوجها، وقد أنجبت له طفلة اسمها كارولين. وعاش وردزورث عندئذ تلك اللحظات الحاسمة في تاريخ فرنسا: أي فترة الثورة الفرنسية وما تلاها من أحداث جسام.
الثالثة: عودته إلى انجلترا وهو في الثالثة والعشرين من العمر وقد عاش الشاعر عندئذ فترة مضطربة استمرت لست وسبع سنوات. وكان يغير مسكنه غالباً أثناءها دون ان يستقر على حال. ولولا تأثير أخته الايجابي عليه في تلك الفترة لربما فقد عقله. فقد عاش أزمة نفسية عصيبة لم يخرج منها بسهولة. ولحسن حظه فقد تعرف في تلك الفترة على الشاعر الكبير لوكيردج.
وتشكلت صداقة حميمة بينهما. وهذه الصداقة الأدبية والشعرية والإنسانية ساعدته على الخروج من محنته. وفي تلك الفترة تعاون مع لوكيردج على نشر ديوانه الأول: أناشيد غنائية عام (1798).وهو ديوان مشترك في الواقع. وقد كتب له مقدمة نظرية طويلة اعتبرت بعدئذ بمثابة المانيفيست للحركة الرومانطيقية الانجليزية.
وقد وصفه الناقد ويليام هازليت الذي زاره في تلك الفترة قائلاً: عندما رأيته كان عمره ثمانية وعشرين عاماً. ورأيت في عينيه الشر يقدح! كانت عيناه تلمعان ببريق عجيب. يحصل ذلك كما لو انه يرى في الأشياء شيئاً لا نراه نحن الناس العاديين شيئاً أعمق من المظاهر السطحية.
وهذه الفترة الثالثة في حياته تنتهي عام 1799 بعد رحلته إلى المانيا التي استمرت عدة أشهر.
الرابعة: وفيها استقر في أقليم البحيرات الرائعة مسقط رأسه،ولم يبارحها حتى مات عام1850. وفي عام 1802 تزوج صديقة طفولته: ماري هاتشنسون التي لم تكن جميلة، ولكنها كانت وفية له. وقد خدمته واشتغلت كسكرتيرة عنده وساعدته على طباعة مختلف أعماله الأدبية.
وفيما يخص حياته الإبداعية فيمكن القول بأن أزمته النفسية ابتدأت تهدأ بعد عام 1795 وذلك بفضل التأثير الإيجابي الذي مارسته عليه أخته دوروثي وصديقه لوكيردج. وكان ذلك بعد عودته من فرنسا مباشرة. ففي تلك الفترة أخذت تتبلور نظريته الشعرية وفلسفته في الحياة. وبدءاً من تلك اللحظة أخذ يكتب أجمل قصائده.
وقد استمرت حياته الإبداعية الخصبة بدون انقطاع حتى عام 1815: أي حتى سن الخامسة والأربعين. وفي تلك الفترة كتب معظم أناشيده الغنائية والعديد من القصائد الأخرى. ثم بلور نظريته الشعرية في المقدمة الشهيرة التي كتبها عام 1800 لديوان: أناشيد غنائية. وهي الطبعة الثانية للديوان.
وعندئذ راح ينظّر للشعر الجديد ويقول بما معناه: لقد مللنا من الشعر التعليمي والوعظ السابق. نحن نريد شعراً جديداً يعبر عن مشاعرنا الحميمة الأكثر صدقاً وحدة وكثافة. نريد الشعر الصادق الذي يتطابق مع ما نحسّ به ونشعر، لا الشعر المفروض علينا من قبل التراث والأقدمين. نحن لا نريد بعد اليوم تقليد الماضي، نحن نريد التعبير عن تجربتنا الحية، تجربتنا العلمية الممارسة كل يوم. ولا نريد التعبير عن تجارب اصطناعية لا نحس بها.
بمعنى آخر: نريد شعراً يتطابق مع الحياة، لا شعراً جافاً متخشباً منقطع الصلة بالحياة